منتديات الخالد الثقافية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

دراسة في ديوان ضفائر الربيع للشاعر محمد العلي - بقلم : محمد خالد الخضر

اذهب الى الأسفل

دراسة في ديوان ضفائر الربيع للشاعر محمد العلي - بقلم : محمد خالد الخضر Empty دراسة في ديوان ضفائر الربيع للشاعر محمد العلي - بقلم : محمد خالد الخضر

مُساهمة  Admin السبت فبراير 25, 2012 3:57 am

دراسة في ديوان ضفائر الربيع للشاعر العلي



حلب
ثقافة
الاثنين17-1- 2011
محمد خالد الخضر

يدرك الشاعر تماما أن تلك البحور التي نسجت عليه قصائده لقد سبقه في الكتابة عنها عدد ليس بالقليل من شعراء العربية فمنهم من نجح و دخل التاريخ و منهم من تلاشى كما تتلاشى الزوابع أمام دفقة رياح متخاذلة.

لذلك أراد أن يستفاد من تراجع تجارب الآخرين ومن وقوعهم في إشكالات التقليد و التشويه ليعمل على القصيدة بصورة شعرية و شاعرية مبنية على العاطفة التي هي قوام الحياة الشعرية و أساس التعامل الإنساني أمام ما يدور في الحياة بعيدا عن المقت و ضرب القارئ و السامع على رأسه فلا قصائد الحداثة تمكنت من شفاء غليله و لا قصائد الشعر الخليلي ظلت محافظة على ألقها التاريخي، فكلاهما و على الأغلب بات يلهث أمام المسؤولية التاريخية بيد أن نفراً من أمثال محمد حسن العلي كما أسلفت تمكنوا بنقاء سريرتهم من الخروج إلى عالم الوجدان و فضاء الروح الإنسانية إذ خلق شاعرنا من النظام الخليلي الذي لا بد منه أنموذجا خاصاً يخص طاقات الإنسان في حركاته اليومية المتتالية و المتتابعة في الروح صاحبة الاتساع الإنساني التي لولاها لما تمكنت القصيدة من فرض ذاتها فهناك مشاعر لا تدخل في الكيمياء و لا في رسم الخطوط التي من شأنها أن تقدم بناء هندسيا جامدا قد يتهدم بأيام أو بسنوات لذلك اعتمد على الكائن البشري بكل صنوفه فإن كانت عواطفه و وجدانياته خاصة فهو الذي تمكن من تقديمها لتكون مسؤولة عن عالم متسع الجوانب و الأطراف يقول الشاعر : أنا في هواك قصيدة لم تكتب أنا نبتة في روضك المعشوشب أنا بعض بعضك يا أبي من خلال امتلاكه الإيقاع الموسيقي يتمكن الشاعر من إدخال الاستعارات والصور بطريقة عذبة إلى الدماغ البشري و الفكر الإنساني ليتمكن من السماع مباشرة حيث يجعل الإنسان متمنيا أن يتوغل في أعماق الشاعر ليعرف ماذا يريد لأن الشاعر برغم أن عواطفه الشعرية تتدفق بشكل عفوي إلا أنه يدرك تماما بعقله المنظم لعواطفه إلى أي مدى بمقدوره أن يحلق فها هو يكمل ويقول: يوم الوداع ... كيف أنسى قبلة من وجنتيك قطفتها و تعلقت شفتاي فوق جبينك الوضاء أنهل من سناه الطيب إن الشاعر بالفطرة و بالضرورة يمتلك في داخله و أعماقه العواطف والإحساس والحدس هذه أشياء مجتمعة تميزه عن سواه بالإضافة إلى أنه يمتلك مقدرة تخص موهبة تجعله يتجاوز قدرة الموسيقا على إعاقته على التعبير فهي طاقة تجعل قدرته ملحوظة و مبينة لمجرد أنه تلقى حالة معينة تدفع بردة فعله لتكوين القصيدة والتي يتدرج مستواها بتدرج القدرة و الوعي و الأخلاق عند صاحب الموهبة و هذا ما نستدل به على المستوى الذي أخذ بشاعرنا ليقول إلى أمه بمناسبة عيد الأم : يا ملاكا يزف خضر الأمــــاني أنت نبع العطاء في كل آن أنت وردة على مشارف روحي و صلاة مزروعة في لسان كل عام يمر عيدك أحــــــــــلى أي شعر يفي و أي بيــــان يعجز القطر أن يحاور نبـــــــعا عاطر الصفر دائم الجريــان ولعل انسجام المفردات وتآلف المعاني يجعلني أتذكر وأقارن بين قطاف العسل وقطاف القصيدة, فعندما يكون العسل صافيا وأصيلا يدلنا على أن جماعة النحل لم تقترب من السكر بل كان قوام مادتها الورد والزهور وما زين الله به الطبيعة , كما تدلنا القصيدة الصافية العذبة وطريقة استخدام الأدوات والتعابير على أن الشاعر يدرك ما له وما عليه ويقيس الأمور بمقاييس دقيقة تبين أن موهبته فذة وأن ثقافته أصيلة وكان لقصيدة الأم مدلول مهم لما أذهب إليه و هذا ما تجلى في استخدام الاستفهام و مقارنته بين القطر و النبع الصافي حيث يبعث للشعور رغبة عارمة لقراءة و دراسة باقي القصيدة نظرا لما تمتلكه من متعة فائقة و ثمة قصائد أخرى بمقدورنا أن نأخذها قياسا مثل قوله إلى المعري : عقرت على البيداء ظهر مطيتي و أرهقني مسارك صوبه المجرة وفوق متون الريح راحت تقلنــي شوارد أفكاري و شعري و همتي ألست الذي سافرت للخلد مبدعاً رسالتك الغفران في خير رحـــــلة تنقلت كالعصفور في قلب شاعر نسجت حوار بين نار و جنـــــــــة و ثمة أمر آخر بمقدورنا أن نستدل عليه وهو أن الشاعر دخل في موضوعه بشكل إبداعي وتمكن من تطوير مقدمة القصيدة بشكل علمي موفق حيث حافظ على نمط الموهبة كونها موجودة في داخله وربما كانت هي التي حافظت على نفسها , وجعل الحالة الإبداعية في مناخ القصيدة تحقق معادلة معقدة مستخدماً أدوات اللغة وحروفها بشكل يجعل القارئ مشدودا لخط القصيدة الدرامي الذي ينتهي في الأعلى خلال مسير مشوق ينتقل من فكرة إلى فكرة على محور أساسي و برغم اختلاف الأفكار بين الشاعرين العلي و المعري إلا أن القارئ يدرك مدى أهمية الشاعر الآخر في نفس شاعرنا الذي أتناول مجموعته و إن الاختلاف ليس اختلافا إنسانيا أو أخلاقيا وإنما هو اختلاف نفسي، إذ دفعت بهما البيئة والمعايشة والظروف ليكون كل واحد منهما بواد ولا فرق عندي بين ضفة الوادي التي حط عليها الأول وضفة الوادي التي حط عليها الثاني . و تتبدل الحالة الشعرية بمقوماتها الأساسية ذاتها لتكون القصائد الأخرى فالحرب بين الظالم و المظلوم هو موقف يخص الكرامة و يخص الشرف و كل شيء يسهل من أجله فقصيدته "إنها الحرب" تميزت بالتشويق عينه و المقومات التي لا تختلف إلى أن وصل إلى خاتمة تترك أثرا أخاذا في نفوس من يتعاطى مع القصيدة عاطفيا أو نفسيا يقول في خاتمة القصيدة: وابذلوا اليوم كل غـــال نفيس إن بذل الدماء شيء قليـــل راية الحق سوف تعلو و تعلو إنما الظلم ســــاعة و يزول ويحافظ على نهجه في خاتمة قصيدته التي كتبها إلى ابنته نغم في اختلاف سلوك النهج العاطفي في التدفق و ذلك بتدافع لا مثيل له مع انبعاث أبيات القصيدة يقول : نجمة قد بددت ليل الأسى فإذا لاحت زها مستقبلي وتتسرب القصيدة الساخرة إلى أدبه برغم أنه أديب و شاعر جاد موظفا بشكل انزياحي ومعبراً عن موقف بسيط بحالة كبيرة تدل على مدى رؤية الشاعر ومقدرته على التبصر و الترقب والانفلات العاطفي السريع كما هي الحال في قصيدته الباص الحرون يقول فيها : إليكم قصتي في يوم نحس عن الباص الذي سافرت فيه له من طبع صاحبه صفات وشبه الشيء منجذب إليه وعندما يزين قصائده بالتضاد نجده عفويا واقعيا يصل إلى نتيجة واحدة في الحركة الإبداعية الذاتية التي سرعان ما تعم العالم كله و لاسيما عالم الخير يقول في قصيدة الثلج : رأيت البشر يطفح في البلاد و قد غلب البياض على السواد هو الثلج الحبيب رسول خير يذيب الحقد من قلب العباد كما أننا نجد أن الشاعر يثبت جاهدا أبطال النظرية التي تقول : (أن هذا النموذج من الشعر أصبح عاجزا عن مواكبة العصر) مصراً على انتماء القصيدة التي بمقدورها أن تنفتح على منجزات الحداثة و العصر مع التمسك بالأسس و المقومات و الصور و اللغة و الانزياح اللغوي و الإيقاع و الدلالات و في جهده يؤكد أنه بإمكانه أن يتلاءم مع الحالة النفسية و الاجتماعية حيث تتوافق التفعيلة و البحر أمام اختياره مع موضوع قد يخيل للناقد أو للقارئ أنه قد لا يتمكن من الكتابة فيه على البحر الخليلي و هذا شأن كثير من الشعراء الذين انفلتوا من البحر بعد أن أصبح عبئا ثقيلا على مواهبهم التي قد لا تسعفهم كما كانت تسعف سواهم من الذين سبقوهم , بيد أن الشاعر العلي ينتقل من حالة إلى حالة أخرى مع الانتقاء الموسيقي و الاجتماعي الملائمين لما يجب أن يكون ناجحا أمام تاريخ فيه من الخبرات ما يكفي.. يقول في قصيدته المشهد المذاب : لصافيتا بقلبي مهرجـــــــان وفي كبدي و في عين مكان هي القصر الذي يبقى شذاه على الأيام ما بقي الزمـــان ها هو ينتقل من بحر إلى بحر برشاقة تامة لأن البحر قد يحول الخط العاطفي و الدرامي للقصيدة و يلعب دورا في السير مع موضوع مختلف عن الآخر و إضعاف الضبابية الرمزية أمام سهولة المعنى و امتناعه و يتميز الشاعر بتقديمه على وضعه المميز فلا يشبه البحر الخفيف عندما يتلاءم مع موضوع البحر الذي كان مع الوافر في قصيدة صافيتا كما أنه اختار لزوجته أو ربما موهبته هي التي اختارت البحر البسيط أو البحر الذي قد يتلاءم مع مواضيع مختلفة .. يقول : رعيت بيتك و الأطفال آمنة وكنت فيهم مكان الحافظ الراعي وأنت درة هذا البيت كامنة والدر أنفسه ما كان في القاع ولابد لقارئ الأبيات أو لدارس هذا الشاعر أن يدرك بأن ثقافته تمتد إلى الوراء سنوات تفوق آلاف السنين في إخراج جديد للحالة الشعرية مستخدما أداءه الروحي في خطاب من يريد عبر إنسانيته الفائقة و تأثره ببيئته ومجتمعه حيث من المفترض أن يقدم أجمل ما يستطيعليعكس أحلامهم وطموحاتهم بشكل لا يتوقعه المتلقي ليتمم موضوعه متجاوزا الزمان والمكان داخلا عمق الإنسان على امتداد وعيه فيطلع من الخصوصيات إلى العموميات ومن المحدود إلى اللامحدود و هذا مدلول ثقافته الشعرية الرائدة و الممتدة إلى السنين الغابرة .. يقول في قصيدته التي عنونها أمير البيان : حرام على القلب أن يزهق و قد نثر الشعر و المنطق . ويقول في قصيدته إلى ولده حسان : حسان يا قلبي و نبض حياتي زين الشباب تظل في مرآتي وقوله لولده حسن : ماذا أقول لآخر العنقود قلبي و دفق عواطفي و وريدي والواضح أنه يتمنى أن يستثني العظماء وكرماء النفوس من المرض والألم حتى يستمر عطاؤهم .. هذا وذاك وأقصد ما قاله أيضا لولديه أنموذج يلائم كل الأزمنة فهو شعور يرتاح لقراءته وسماعه كل أب على وجه الأرض تختلج فيه روح ويسري في عروقه دم . فالشاعر العلي أتى بعناصر الخلق الإبداعي من واقع عاشه وعرف عنه كل شيء بقراءة و بحث ليقدم تجربة لا يعوقها شيء وقد تناسب الأزمنة القادمة مبتعدا عن جنون العصر الحديث واعتدائه على قصيدة أزلية مقدسة صعبة المراس, فهو من تعامل معه برضا واتفاق بينهما مؤكدا أيضا أن اللغة والشعر والعواطف و الموسيقا والوطن والأهل أشياء متماسكة مجتمعة تكون الحالة الإبداعية عبر زمان طويل و لولا ذلك لما قدم ديوانه شاعر كبير مثل عبد الرزاق عبد الواحد , وختمه روائي لا يشق له غبار مثل حسن حميد

Admin
Admin

المساهمات : 145
تاريخ التسجيل : 02/07/2008

http://alkhaled.yoo7.sy

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى