منتديات الخالد الثقافية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

دراسة في مجموعة من ذاكرة القلب للشاعر الدكتور محمد رائد الحمدو ـ بقلم : محمد خالد الخضر

اذهب الى الأسفل

دراسة في مجموعة من ذاكرة القلب للشاعر الدكتور محمد رائد الحمدو ـ بقلم : محمد خالد الخضر Empty دراسة في مجموعة من ذاكرة القلب للشاعر الدكتور محمد رائد الحمدو ـ بقلم : محمد خالد الخضر

مُساهمة  الشاعر الأحد ديسمبر 27, 2009 11:48 pm

دراسة في مجموعة من ذاكرة القلب للشاعر الدكتور محمد رائد الحمدو
بقلم : محمد خالد الخضر

يقول ت . س إليوت : " ليس الشعر تحريرا" للعاطفة , و إنما وسيلة تخلص من العاطفة , و هو ليس تعبيرا" عن الشخصية , و إنما وسيلة فرار من الشخصية و إن أولئك الذين يمتلكون شخصية و عواطف هم وحدهم الذين يعرفون ماتعني إرادة التخلص من هذه الأشياء " .
فالشعر برغم امتلاكه لعدة مقومات يرتكز عليها ليبهر الآخر بشكل أخاذ و أسلوب شائق و ليعلم الآخر أن الشاعر وحده صاحب الموهبة و هو من يفك رموز القهر و الفرح لأن الله خصه بامتلاك موهبة يجعل من خلالها القصيدة فضاء يمكن أن يتسع لكل العالم بمختلف أشيائه , على رأي شكسبير : " لايمكن أن تكون العبقرية دونما قانون فإن العمل العبقري لا يستغني عن القانون : فالقانون هو نفسه الذي يشكل عبقرية هذا العمل ــ قوة الفعل التي تبدع تحت تأثير قانون نشأته الخاصة " .وهذه أشياء تتجلى بالموهبة , و استحضر الآن بضا" من أشعار الدكتور محمد رائد الحمدو ثم أكمل ما ذهبت إليه يقول للشام :
خلي الزمان يمر ثمّ تمهلي و توقفي في الشام ثمّ تأملي
سترين أن الشام جاوز حسنها حسن الحبيبة في اللقاء الأول
و راء هذين البيتين عاطفة تعتمد على خصوصية نقلتها من أماكنها حيث كانت كامنة إلى وجدان الآخرين مما يجعلن نميز بين الشعر المبهر و بين النثر الذي اعتمد على نفسه فقط في التعامل مع الآخر مما افقده كثرا" مما يصبو إليه مؤثرا" على غيره أيضا" في فقدان أهم ما يجب أن يمتلكه أو يتمتع به و هي القاعدة الشعبية أساس المجد و عنوان القصيدة و الإنسانية لذلك ارتكز أصحاب هذا النوع على الشللية التي بدأت تصنع العداءات المنفرة مما جعل الشاعر محمد رائد الحمدو معتمدا" على موقف شعري دام أكثر من ربع قرن في التجارب المستمرة بين القراءة و الكتابة و لازال يقول :
تركوا مآثرهم و ضاعوا كلهم بل ضيعوا فيهم نقاء المنهل
وعرفت من سبحوا على أوهامهم و تهلوا و الشعر لم يترهل
و أنا أغرد في الخميلة شاعرا" و صباح نسر لي و صوت البلبل
تلك الكلمات التي صاغها و ما في طياتها من عواطف يشتغل العقل عليها حتى تصبح فكرة و لوحة مليئة بالوعي و الألوان و الأصوات و الموسيقى مما ميز الشعر في اسمه و محتواه و قدرته على الابتكار و الإبداع متحملا" تداعيات ما حباه الله من موهبة و قدرة على إيجاد اللهفة بأنواعها في قلوب الآخرين بما يضاف إلى ما يملكه من أمل و تفاؤل تجعله دائما" يرى الحياة أجل مما يراه سواه حتى و لو كانت مليئة بالكوارث , و من هذا و ذاك نفسر بعض الشيء فيما يقوله للشام مرة أخرى :
و قرأت في التاريخ فيك تفاؤلي و نظرت في عينيك للمستقبل
و إن الشاعر يلتقي في الأسلوب مع الشاعر عمر أبي ريشة فاعتمد الإيجاز و البساطة و التعامل الحنون مع القارئ حتى يفوق الكثيرين بمتانة العلاقة بينهما معتمدا" على معادلة التوازن في كتابة القصيدة مما يدفع القارئ لمتابعة المفردات و التراكيب المكونة للنص الإبداعي في قصته الإنسانية و إن كان النص متناولا" حالة رثاء لشخص


مثل عمر أبي ريشة يقول الشعر الدكتور محمد رائد الحمدو :
حلب لفقدك غادة تتوجع و تسيل من كل المحاجر أدمع
إن كنت في كل المدائن نجمها و هواك في كل البلد موزع
لكنها الشهباء تبكي شمسها افلت و خلاها الردى تتقطع
بكت القوافي الغر موت عريسها و أبو الخليل بحوره و المربع
و تنجح العاطفة المتدفقة في دفع الشاعر لاختيار أدواته التي تساهم في إنجاح مشروعه الشعري في نقل القارئ من حالة إلى حالة أمام انسجام مكونات القصيدة من شكل و مضمون و روي و موضوع و تماسك و انتقاء للمفردات المكونة للتركيب مما جعل الشاعر و سواه من الشعراء يظهر إلى الإنسان خفايا نفسه و نبضات قلبه و ذكرياته بكل أنواعها , و هي مقتطعة من ذاته المشتعلة بالعواطف و لعل محاولة شاعرنا التمسك بهذه الأشياء جعل قصيدته متوازنة إلى حد كبير و غالبا"مانرى انه اختصر عشرات الأبيات و هو يقدم لنا قصيدته التي قد لا تصل إلى ثلاثين بيتا" في خروجه الأمل على ظاهرة التقليد التي تفرغ القصيدة من الشحنة المؤثرة و التي حرص رائد الحمدو عليها و على وجودها و هو يقول :
اقرئي البحر من عيوني و قولي لك يا بحر همسة من عليل
فانتظرني يا بحر إن شئت ليلا" بعدما الشمس تستوي في الأفول
فالتعامل مع الشعر جعله يسمو بما لديه إلى التمثل فيما خطر على باله أمام ظروف دعته ليحول هذه الحالة لشيء لا يخصه وحده فلا يمكن أبداً للقارئ إلا أن يذهب معه ويتخيل نفسه وروحه وهي تتآلف بين جنبات
القصيدة وعلى أجنحتها وهو يكمل القول :
إن في جعبتي إليك سلاما ً من مثيلٍ ينام خلف التلول
زفرة فاستمع إليها برفق واحذر الجهر إنها من مثيل
وتتجلى عند الشاعر خلال قصيدته أشياء تعبر عن نفسه وعن نزاهة حواسه وطبائعه , إنه ما يجول في القلب حيث أوصلته الحواس فتجعل منه الشاعر الذي يقدم هنا ما يدل على خصوصيات الآخر في الدلالات والأبعاد المستخدمة بحركاتها ووحداتها وموقفها وفعاليتها الإنسانية وهي تعبر عن تجربة قد يعيش همها أو فرحها كل الناس وهذا ما وجدناه في أنسنة البحر ومناجاته وما سنجده في قوله :
يا سائلي عيني لماذا تدمع والقلب من فرط الأسى يتقطع
أولادنا إن حل في أجسادهم وجع فإن قلوبنا تتوجع
ولا بد للقصيدة أن تتوافق مكوناتها الشعرية وتتميز بالانسجام والتناسق في أجزائها وملامحها مليئة بالسمو والإلهام مبتعدة عن الضباب والصمت والإرهاق حتى تنساب أمام الإنسان وهي تدفع به إلى التصور والتخيل إنه القول الصحيح : " خير الشعر أصدقه " عبارة بعيدة عن المغامرة والمخاتلة لأنها تعتمد العاطفة الصحيحة والانفعال الوجداني الذي يربط بين الشاعر ومن حوله معبراً عما يجول في نفس كل فرد أمام حياة يسودها القهر الاجتماعي وتآمر العصر الفضائي على الروح الشفافة التي تصمد ولا تسلم مكوناتها المقدسة للانهيار :
كرهاً أحاول أن يلامسني الكرى هيهات بين تزاحم الأفكار
وحدي وغير الله لا يدي بما في القلب من صبر على الأقدار
تتناوب الأيام قهر إرادتي فأدافع الأيام باستغفار
وعرفت للدمع السخي سجية في غسل ما بالنفس من أكدار
نستنتج أننا أمام تدفق مشاعر وكثافة أحاسيس في نسيج يكون قصائد عناصرها قادرة على تحريك فضاءات القلب والروح محاولاً أن يبتعد عن الجوازات القبيحة والآفات التي من شأنها أن تسقط الشاعر في هنات تجعل الآخر يسأله ما الذي دفعك للالتزام بهذا النوع من الشعر أمام تفعيلات بحر الرمل الشائكة ؟!
إنها حالة تذكرك بقطاف العسل وتداعياته .
إذاً عليك أن تتحمل , وإذا لم تكن القصيدة هكذا فمن يبكي لها أو يفرح أمامها .
ليست الدراسة نصب من العداء لشعر أو لنثر أو لجنس أدبي إنما أذكر الشعراء أننا لا يمكن أن ننفصل عن انتمائنا وعن تاريخنا فهو أساس مستقبلنا وكينونة شرفنا فإذا صعب الأمر ليس مهماً أن نكون شعراء بقدر ما يجب أن نحافظ على هويتنا وهذا وحده شرف كبير , وإلا غير ذلك سيأتي يوم ويلفظنا حتى من يضللنا ونصبح كأولئك الذين يفقدون عقولهم ويقفون أمام المرآة يحركون أصابعهم بجانب آذانهم ويهفون إلى أي كائن حي يمشي على الطريق معتمداً على كل أطرافه .
فإلى رائد الحمدو وكل القابضين على دمهم مثل نزار قباني وسليمان العيسى وأبو القاسم الشابي وكمال ناصر وأنا : نعم أنا أهدي قصيدة حب أزلية

الشاعر
Admin

المساهمات : 76
تاريخ التسجيل : 09/07/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى