المجد بين الشاعر خضر الحمصي و الفنان ممدوح عباس ـ محمد خالد الخضر
صفحة 1 من اصل 1
المجد بين الشاعر خضر الحمصي و الفنان ممدوح عباس ـ محمد خالد الخضر
المجد بين الشاعر خضر الحمصي و الفنان ممدوح عباس
إنها الحالة الوجدانية التي تحدثت عنها كثيرا في دراسات ماضية و التي يسميها الشاعر الفرنسي "بول فاليري" حالة شعرية والتي لا تقتصر على طائفة من الشعراء , فجميع أهل الفن و الشعر تنتابهم هذه الحالة , و يعبرون عنها بما وهبهم الله من وسائل و مرتكزات , فالشاعر و النحات و الفنان و الموسيقي , كل هؤلاء عندما يقدمون على تأدية ما بوسعهم .. ثمة دافع داخلي منبعه العاطفة و الشعور ذلك الدافع ذاته موجود بداخل كل منهم , لذلك اخترت قصيدة لشاعر ملهم من ديوان قطار العمر لمؤلفه خضر الحمصي و لوحة لفنان لا يقل شأنا عنوانها :
من ذاكرة الحضارات لممدوح عباس .
و لعلني وجدت منذ سنوات ليست بقليلة إن الشاعر خضر الحمصي الذي كان على مر زمن يعمل على تنمية الثقافة العربية الأصيلة إلى جانب نفر من الأدباء و الكتاب يلتقون في دار الثقافة عند مؤسسها و مديرها مدحت عكاش .
تظهر على قصائده تلك الميزة التي استطاع عدد لا باس به من المعاصرين أن ينفلتوا منها بحثا عن نشوة عارمة لا يعرف مؤداها و نتائجها إلا الله نظرا لما يميزها من فراغ لا أساس يدعمه و لا معنى , ذلك النوع من الشعر الذي يكتبه خضر الحمصي يرفل بالدراما و يزينه الشموخ و الكبرياء و مثال ذلك تلك القصيدة التي أهداها إلى فارس عربي يقول :
سلمت للمجد ما رف السنا و بدا
يا فارسا من نسيج الشمس قد ولد
أضفيت للكون نورا من بصيرتكم
لولا حنانيك هذا النور ما وجدا
نجد أن التعمق المعرفي في الثقافة العربية جمع بين خطاب القراءة و خطاب الكتابة بعد ذلك الاتجاه الناتج عن التعمق في النحو العربي و معرفة قصص الأطلال و الرحيل و بعد الاطلاع على عادات و تقاليد كافة الشرائح التي كانت تسكن في ديوان العربي ذلك الذي يمتلكه الشاعر الموهوب .
· - أما الفنان ممدوح عباس في لوحته من ذاكرة الحضارات :
يلتقي مع الشاعر من حيث الحالة الانفعالية و الوجدان الذي يشتعل لذكر أي واقعة تخص الانتماء أو الوطن أو البيئة التي ننتمي إليها في العمل اللاإرادي الذي تلعب التربية الثقافية دورا مهما و هي تتنامى على تلك الموهبة , و الفنان هنا يسيطر على سطح لوحته منتصرا على الفراغ فيملؤه ضجيجا و شموخا في تلكم الحركة التي تندفع من الحالة الشعورية لتشعرنا أننا أمام إيقاع و نغم يتدفق بعمل فني يعطينا كثيرا من أشياء الحياة التي علينا أن نعيشها كما أننا ندرك تماما انه يأخذ مادته من عالم يحيط به و يعيش خلجاته لان المادة الفنية حسب رؤية الفنان ممدوح عباس من المفترض أن يكون مكونة من خصوصيات الناس لتكون مجتمعة في تكثيف يعطي نسيجه لوحة رائعة .
في اللوحة يتوسط الإنسان مجموعة من الكائنات الحية منها من يرفع يده و منه من لا يملك يدا فيرفع رأسه شعورا بالمجد و الطمأنينة التي يملكها الكائن الشجاع أيا كان نوعه سواء كان إنسانا أو حيوانا .
· - كما أنني أجد في قصيدة سلمت للمجد للشاعر خضر الحمصي دورا كبيرا للمتلقي ليرى بنفسه مكامن الجمال و الظواهر الايجابية و السلبية الموجودة في القصيدة باذلا جهده لتكون قصيدته عل ارتباط وثيق سواء أكان بالقارئ أو السامع , لان القصيدة الناجحة و التي تمتلك حسن البيان تمكن القارئ من المقدرة على معرفة تفوق النص و دلالاته و أهم ما في ذلك انه كل ما بذل الشاعر جهدا : ازدادت الثقة بينه و بين القارئ .. سيما في القصائد المعبرة عن الشموخ و الأنفة والحضور التاريخي يقول خضر الحمصي
ملاحم المجد كم وشيتها دررا
فلامست في سراها القلب و الجسدا
و نجد هنا أن التقارب بات شديدا بين لوحة لها صلة بالواقعة الفنية الايجابية التي تتصل بها القصيدة سيما أن الفنان ممدوح عباس و الذي يعمل على مشاعره و مكنوناته بطرائق مختلفة و منها الطرق النافرة و التي تتوحد أمام مضمون متلازم مع الموهبة و لعل مدلول تلك الكائنات الحية التي تقتدي بكف إنسانية مرفوعة
تؤدي ذات المضمون الذي يؤديه مضمون القصيدة , فرؤوسها شامخة مرفوعة و قوائمها تتحرك بخطى متوازنة ثابتة كأنها تسير في عرض عسكري يشق الطريق عبر التاريخ المجيد , و من المفترض أن تكون القصيدة أو اللوحة الفنية متفوقة على الطبيعة لان الفنان و سواه أمام الانفعال الوجداني و المقارنة الحسية بين الواقع و ما يجب أن يكون يضيف على علمه أشياء توازي طموحاته و هذا ما ينطبق على تلك الأجنحة التي تحاول التحليق بكل اعتزاز و هي مرسومة لكائنات تسير على أربعة قوائم و لها قرون و ذيول –و من هذه و تلك نجد التوافق مع "مويتز" في قوله :
"رغم أن كل عمل فني هو عالم كامل يعمل حسب قوانينه الخاصة فيه , إلا انه يتناقض مع الطبيعة , أن مصادر الإضاءة المتعددة في لوحات روبنز مثلا لها ضروراتها الفنية الذاتية التي لا نجدها بالطبيعة " .
و كثيرا من الأشياء التي ذهبت إلي الحديث عنها في لوحة الفنان ممدوح عباس لم تكن موجود في الطبيعة أيضا , و هذا ينطبق على بيت الشاعر خضر الحمصي و هو يقول :
و كم دخلت رؤى التاريخ منتصرا
بالفكر و الحرب كنت الدرع و السندا
و نحن نستنتج هاتين الحالتين وقائع فنية هي عميقة بالضرورة و تتجلى أمامنا و نحن نقارن و علينا أن نرى تلك المقاطع الوزنية الموجودة على نحو يمتلئ بالإحساس و الموسيقى , كيف تتمكن من الصيغة التعبيرية لأهم قيمة من القيم التي يتحلى بها الإنسان الحقيقي حتى يحقق مجد أمته و وطنه و أهله .. في هذا التناغم المحكم مع مجموعة العناصر المكونة للعمل الأدبي الذي أنتج أو تمت صياغته للتعامل مع عقل سليم و روح تتلقى ببراعة على الأقل لأنها روح تستمد ذائقتها من ارض طيبة , و هنا تكمن سر العلاقة الجميلة بين الشاعر خضر الحمصي و قارئه و بين الفنان ممدوح عباس و من يرى لوحاته و يتلمس نبضات قلبه و خلجات روحه . يقول الشاعر خضر الحمصي :
الأرض تهتف و الرايات خافقة
و الشعب ينثر في غدرانك الكبد
هي عبارات تغوص في النفس و تدفع القارئ إلى العمل على التلقي الصحيح حتى و إن كانت العبارة تحمل في طياتها أشياء خفية .
و هذه قضية في زمننا الحاضر أمام اختلاف معايير الكتابة و اختلاف معايير الرسم التي تتنوع بحسب طرائق الشعراء أو الفنانين , فمن ينظر إلى الأجنحة في لوحة ممدوح عباس ينتابه شعور بالرغبة العارمة بالطيران أو التأهب كما هي متأهبة أو الشعور بالعظمة .
أما بيت الشعر في قصيدة خضر الحمصي :
طبع النسور بان تحيى على قمم
فوق الشوامخ تقضي العمر و الأبدا
يأخذك إلى تلك الحالة التي كلاهما يشتغل بشكل واضح على خلجاتها النفسية الكامنة في أعماق الإنسان العربي ,
لان النظر و التلقي و الاكتساب أشياء تتوقف على حالة نفسية في الثقافتين الفكرية و البصرية و كلاهما قدم إبداعا منطقيا ضمن المألوف و الذي يؤدي إلى قناعة في ماهيته , فتميزت القصيدة بالاعتدال كما تميزت اللوحة بالمنطقة و الانسجام مع ثقافتنا البصرية و عاطفتنا البشرية , و كذلك من المهم أن تكون اللوحة و القصيدة قد تمكنت كل منها بعكس فلسفة المجتمع و تحلي بروح الواقع و العصر على أن تكون الجماليات ضمن معطيات العقل , لأنه لا شي يفوق العقل البشري مهما كان قويا فهو يمتلك القدرة الخارقة بما منحه الله من البناء و التخريب .
دراسة مقارنة بقلم : محمد خالد الخضر
إنها الحالة الوجدانية التي تحدثت عنها كثيرا في دراسات ماضية و التي يسميها الشاعر الفرنسي "بول فاليري" حالة شعرية والتي لا تقتصر على طائفة من الشعراء , فجميع أهل الفن و الشعر تنتابهم هذه الحالة , و يعبرون عنها بما وهبهم الله من وسائل و مرتكزات , فالشاعر و النحات و الفنان و الموسيقي , كل هؤلاء عندما يقدمون على تأدية ما بوسعهم .. ثمة دافع داخلي منبعه العاطفة و الشعور ذلك الدافع ذاته موجود بداخل كل منهم , لذلك اخترت قصيدة لشاعر ملهم من ديوان قطار العمر لمؤلفه خضر الحمصي و لوحة لفنان لا يقل شأنا عنوانها :
من ذاكرة الحضارات لممدوح عباس .
و لعلني وجدت منذ سنوات ليست بقليلة إن الشاعر خضر الحمصي الذي كان على مر زمن يعمل على تنمية الثقافة العربية الأصيلة إلى جانب نفر من الأدباء و الكتاب يلتقون في دار الثقافة عند مؤسسها و مديرها مدحت عكاش .
تظهر على قصائده تلك الميزة التي استطاع عدد لا باس به من المعاصرين أن ينفلتوا منها بحثا عن نشوة عارمة لا يعرف مؤداها و نتائجها إلا الله نظرا لما يميزها من فراغ لا أساس يدعمه و لا معنى , ذلك النوع من الشعر الذي يكتبه خضر الحمصي يرفل بالدراما و يزينه الشموخ و الكبرياء و مثال ذلك تلك القصيدة التي أهداها إلى فارس عربي يقول :
سلمت للمجد ما رف السنا و بدا
يا فارسا من نسيج الشمس قد ولد
أضفيت للكون نورا من بصيرتكم
لولا حنانيك هذا النور ما وجدا
نجد أن التعمق المعرفي في الثقافة العربية جمع بين خطاب القراءة و خطاب الكتابة بعد ذلك الاتجاه الناتج عن التعمق في النحو العربي و معرفة قصص الأطلال و الرحيل و بعد الاطلاع على عادات و تقاليد كافة الشرائح التي كانت تسكن في ديوان العربي ذلك الذي يمتلكه الشاعر الموهوب .
· - أما الفنان ممدوح عباس في لوحته من ذاكرة الحضارات :
يلتقي مع الشاعر من حيث الحالة الانفعالية و الوجدان الذي يشتعل لذكر أي واقعة تخص الانتماء أو الوطن أو البيئة التي ننتمي إليها في العمل اللاإرادي الذي تلعب التربية الثقافية دورا مهما و هي تتنامى على تلك الموهبة , و الفنان هنا يسيطر على سطح لوحته منتصرا على الفراغ فيملؤه ضجيجا و شموخا في تلكم الحركة التي تندفع من الحالة الشعورية لتشعرنا أننا أمام إيقاع و نغم يتدفق بعمل فني يعطينا كثيرا من أشياء الحياة التي علينا أن نعيشها كما أننا ندرك تماما انه يأخذ مادته من عالم يحيط به و يعيش خلجاته لان المادة الفنية حسب رؤية الفنان ممدوح عباس من المفترض أن يكون مكونة من خصوصيات الناس لتكون مجتمعة في تكثيف يعطي نسيجه لوحة رائعة .
في اللوحة يتوسط الإنسان مجموعة من الكائنات الحية منها من يرفع يده و منه من لا يملك يدا فيرفع رأسه شعورا بالمجد و الطمأنينة التي يملكها الكائن الشجاع أيا كان نوعه سواء كان إنسانا أو حيوانا .
· - كما أنني أجد في قصيدة سلمت للمجد للشاعر خضر الحمصي دورا كبيرا للمتلقي ليرى بنفسه مكامن الجمال و الظواهر الايجابية و السلبية الموجودة في القصيدة باذلا جهده لتكون قصيدته عل ارتباط وثيق سواء أكان بالقارئ أو السامع , لان القصيدة الناجحة و التي تمتلك حسن البيان تمكن القارئ من المقدرة على معرفة تفوق النص و دلالاته و أهم ما في ذلك انه كل ما بذل الشاعر جهدا : ازدادت الثقة بينه و بين القارئ .. سيما في القصائد المعبرة عن الشموخ و الأنفة والحضور التاريخي يقول خضر الحمصي
ملاحم المجد كم وشيتها دررا
فلامست في سراها القلب و الجسدا
و نجد هنا أن التقارب بات شديدا بين لوحة لها صلة بالواقعة الفنية الايجابية التي تتصل بها القصيدة سيما أن الفنان ممدوح عباس و الذي يعمل على مشاعره و مكنوناته بطرائق مختلفة و منها الطرق النافرة و التي تتوحد أمام مضمون متلازم مع الموهبة و لعل مدلول تلك الكائنات الحية التي تقتدي بكف إنسانية مرفوعة
تؤدي ذات المضمون الذي يؤديه مضمون القصيدة , فرؤوسها شامخة مرفوعة و قوائمها تتحرك بخطى متوازنة ثابتة كأنها تسير في عرض عسكري يشق الطريق عبر التاريخ المجيد , و من المفترض أن تكون القصيدة أو اللوحة الفنية متفوقة على الطبيعة لان الفنان و سواه أمام الانفعال الوجداني و المقارنة الحسية بين الواقع و ما يجب أن يكون يضيف على علمه أشياء توازي طموحاته و هذا ما ينطبق على تلك الأجنحة التي تحاول التحليق بكل اعتزاز و هي مرسومة لكائنات تسير على أربعة قوائم و لها قرون و ذيول –و من هذه و تلك نجد التوافق مع "مويتز" في قوله :
"رغم أن كل عمل فني هو عالم كامل يعمل حسب قوانينه الخاصة فيه , إلا انه يتناقض مع الطبيعة , أن مصادر الإضاءة المتعددة في لوحات روبنز مثلا لها ضروراتها الفنية الذاتية التي لا نجدها بالطبيعة " .
و كثيرا من الأشياء التي ذهبت إلي الحديث عنها في لوحة الفنان ممدوح عباس لم تكن موجود في الطبيعة أيضا , و هذا ينطبق على بيت الشاعر خضر الحمصي و هو يقول :
و كم دخلت رؤى التاريخ منتصرا
بالفكر و الحرب كنت الدرع و السندا
و نحن نستنتج هاتين الحالتين وقائع فنية هي عميقة بالضرورة و تتجلى أمامنا و نحن نقارن و علينا أن نرى تلك المقاطع الوزنية الموجودة على نحو يمتلئ بالإحساس و الموسيقى , كيف تتمكن من الصيغة التعبيرية لأهم قيمة من القيم التي يتحلى بها الإنسان الحقيقي حتى يحقق مجد أمته و وطنه و أهله .. في هذا التناغم المحكم مع مجموعة العناصر المكونة للعمل الأدبي الذي أنتج أو تمت صياغته للتعامل مع عقل سليم و روح تتلقى ببراعة على الأقل لأنها روح تستمد ذائقتها من ارض طيبة , و هنا تكمن سر العلاقة الجميلة بين الشاعر خضر الحمصي و قارئه و بين الفنان ممدوح عباس و من يرى لوحاته و يتلمس نبضات قلبه و خلجات روحه . يقول الشاعر خضر الحمصي :
الأرض تهتف و الرايات خافقة
و الشعب ينثر في غدرانك الكبد
هي عبارات تغوص في النفس و تدفع القارئ إلى العمل على التلقي الصحيح حتى و إن كانت العبارة تحمل في طياتها أشياء خفية .
و هذه قضية في زمننا الحاضر أمام اختلاف معايير الكتابة و اختلاف معايير الرسم التي تتنوع بحسب طرائق الشعراء أو الفنانين , فمن ينظر إلى الأجنحة في لوحة ممدوح عباس ينتابه شعور بالرغبة العارمة بالطيران أو التأهب كما هي متأهبة أو الشعور بالعظمة .
أما بيت الشعر في قصيدة خضر الحمصي :
طبع النسور بان تحيى على قمم
فوق الشوامخ تقضي العمر و الأبدا
يأخذك إلى تلك الحالة التي كلاهما يشتغل بشكل واضح على خلجاتها النفسية الكامنة في أعماق الإنسان العربي ,
لان النظر و التلقي و الاكتساب أشياء تتوقف على حالة نفسية في الثقافتين الفكرية و البصرية و كلاهما قدم إبداعا منطقيا ضمن المألوف و الذي يؤدي إلى قناعة في ماهيته , فتميزت القصيدة بالاعتدال كما تميزت اللوحة بالمنطقة و الانسجام مع ثقافتنا البصرية و عاطفتنا البشرية , و كذلك من المهم أن تكون اللوحة و القصيدة قد تمكنت كل منها بعكس فلسفة المجتمع و تحلي بروح الواقع و العصر على أن تكون الجماليات ضمن معطيات العقل , لأنه لا شي يفوق العقل البشري مهما كان قويا فهو يمتلك القدرة الخارقة بما منحه الله من البناء و التخريب .
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى