منتديات الخالد الثقافية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

عن الجماهير - دراسة مقارنة:الوطن بين الشاعر يوسف الخطيب و القاص باسم عبدو - بقلم : محمد خالد الخضر

اذهب الى الأسفل

عن الجماهير - دراسة مقارنة:الوطن بين الشاعر يوسف الخطيب و القاص باسم عبدو - بقلم : محمد خالد الخضر Empty عن الجماهير - دراسة مقارنة:الوطن بين الشاعر يوسف الخطيب و القاص باسم عبدو - بقلم : محمد خالد الخضر

مُساهمة  Admin السبت مارس 17, 2012 6:37 am

ثقافة
الجمعة16-3 - 2012
محمد خالد الخضر

بين يدي قصيدة الشاعر يوسف الخطيب "الخروج إلى بادية الشام ", و قصة الأديب باسم عبدو "نطفة من حجر " .. جنسان أدبيان مختلفان : فيهما حب مختلف في الطرح , و متوافق بالهدف .

الحب بتشعباته المختلفة و عواطفه اللامحدوة .. يختلف تماماً عند الشعراء , والأدباء .. قد يعشق واحدهم امرأة , و يكبر هذا الحب .. و يتعاظم .. و نتيجته .. قد يجبر التاريخ و يسجله على صفحاته مهما كان خفياً , و لكن قد يضطر العاشق إلى ترك معشوقته .. و هذا كثيراً , و لقد زخر به الأدب العربي و افتخر بمكنوناته كما حصل مع عروة و عفراء , و جميل بثينة أما الغريب : ثمة حب يجعل الشاعر والأديب في حالة من التمسك , و الارتباط الوثيق الذي يجعل حالة الإبداع يفور منها التحدي على أن الابتعاد شيء مستحيل حتى ولو كان بعد الموت .. فالعودة هي أسمى أنواع الشرف , حتى ولو عاد واحدهم في صندوق , و هو عبارة عن بقايا تشير إلى أنه عاشق لا يؤمن بالفر اق , و لا يؤمن بالتخلي : هذا هو حب الوطن .. و من الكتاب و الشعراء من حباهم الله قريحة مليئة بالعنفوان المرتكز على إيمان شديد النقاء أمام حب وطن لا يمكن أن يتجزأ و لا يمكن أن يبقى تحت ظل الاحتلال .. فالعربي متمسك بقضايا العربي على انه قضاياه و يكبر هذا التمسك كلما كانت " الجينات " سليمة , و كلما كان اللقاء الجسدي المؤدي إلى الإنجاب شريفاً و نظيفاً . نحن أمام حالتين متشابهتين في النتيجة و الغاية .. تبحثان عن هدف واحد .. شاعر فلسطيني يحب الشام و بغداد بلا حدود .. فيكبر الحب عنده ليسمع العالم أنه لا فرق بين سورية وفلسطين والعراق .. إنه الشاعر يوسف الخطيب .. وقاص سوري يحب فلسطين حتى الجنون, ويصنع من حبه حجارة وأطفالاً .. يعلنون الحرب على عدو غاشم حتى النصر و التحرير. يقول الشاعر يوسف الخطيب : أحب اثنتين .. و ما بين حب اثنتين سأعقد أوتار قلبي أسلاك قيثارة و امتد في وجع الليل طول أغاي الحداة . وفي عطش الرمل طول ضفاف الفرات سأمتد حتى أطوق عطفيك بين يدي من الغوطتين .. إلى الرافدين .. حب يتصاعد من قلب شاعر صاحب موهبة عريقة بمقاطع مجلجلة , وعبارات مترابطة كأنها تلفت الألم إلى شاعر تتسع أهدابه لهموم كل العرب .. تراكم هائل في أعماقه أعطى القصيدة زخماً ووهجاً فاساقطت كالمطر على النوافذ تبشر بالفجر الذي كنا نخاف أن لا يعود .. وهناك أمام تداعيات القصيدة حضور عاطفي يرافقه صوت يجعل المفردات توسع مسافة التفعيلة إلى محيطات .. إشارة إلى أن هذا الحب أكبر من كل حب .. ويتوازى يوسف الخطيب الذي ولد من جراحات فلسطين وآلامها مع ذلك الأديب السوري فيعلن كل منهما أننا شعب عصي على الاستعمار مادمنا نملك كل هذا الحب و كل هذا الوفاء .. إنه القاص و الأديب باسم عبدو الذي اقتطفت من مجموعته " اعترافات " قصة بعنوان (نطفة من حجر) .. مهداة إلى المرأة الفلسطينية المناضلة .. يغلب على أسلوبه الإحساس الشعري والعبارات الرشيقة .. فتاتي الكلمات كأنها مصنوعة من فصل ربيعي متلون بالأزهار وبقدرة القاص يتكون النص القصصي مليئاً بالشجن مختلفاً بنموذجه .. لأنه يتحول فجأة إلى جبل مقاوم فيه أنواع الحجر و فيه أنواع الورود .. و كل الأشياء قد تتكلم عندما يحاول الظلم أن يبسط سيطرته على إنسانية المخلوق الكريم .. كما تتبدل دلالاته في تراكيب القصة المكونة لنسيجها الدرامي الشائق .. مشيرة إلى أن شعورالإنسان العربي من المفترض أن يتدافع خلف أدباء عواطفهم ممتدة كالغيوم .. تشبه عواطف باسم عبدو السوري الذي يحاول أن يصنع حجارة في مدلولاتها إلى ضرورة وجود المقاومة من أجل تحرير فلسطين , وهي الجزء الغالي من الوطن العربي الذي اغتصبه الصهاينة .. أ ما الشاعر يوسف الخطيب الذي أنجبته فلسطين يتصاعد حبه إلى أعلى درجات العشق لتتكون جماليات الشام وياسمينها إلى جانب بغداد ونخيلها في قلق قد يتسع الدنيا إذا شاءت له القصيدة .. يقول لهتين العشيقتين : ساحمل بستان ورد على شفتي وآتي لبادية الشام أعقاب أهلي وأحدث بين الأثافي أطلال داري وأزرع واحة نخل لعيني دمشق وفي عشق بغداد غابة غار وأحلف لامرأتين يمين العبادة حتى ترق لأحزان نفسي قلوب الضواري وأصرخ .. أصرخ .. أصرخ حتى الجنون وأوفد أشعار وجدي على صهوات السواقي أمام هذه الصرخات المتوهجة بالامتداد ترتكز قصة باسم عبدو على حالة نفسية بدأت تفور معبرة عن حس كاتب يعيش أحداث وطنه من المحيط إلى الخليج . فتتداعى الخلجات و تتراكم الأحداث المليئة بالظلم, والتي من شانها تحرير الأرض وتحرير النفس الظماى للنصر الذي عوده التاريخ عليه ... أما يوسف الخطيب الذي يقول في رائعته : و ما بعد بالشام تهدل ورق الحمام إلا لتزجل عني الهوى لظباء العراق وإني لباق على أول العهد لم يبق دوني إليك سوى أن أشق المحال وأمضي ببادية الشام وحدي أعد الرمال وأحصي إلى الصبح كل نجوم المنافي الشاعر يستخدم الصور و التشبيهات و الاستعارات كانها صف من شقائق النعمان يزينه الإقحوان فكان ادراكه الحسي أكثر اقتراباً مما يدور في دم الإنسان العربي ومكوناته الحسية والنفسية بعد تعرضه لكثير من المصاعب و المتاعب و المؤامرات , لدلك يشعر القارىء أمام هذا الكم من العواطف التي تحولت إلى نص إبداعي يحمل في خلجاته و كلماته وتراكيبه حباً أكبر من البشر ويصل إلى مرتبة عظمى و عالية .... أما القاص باسم عبدو : (لم يجد أبو وهج في هذا الصباح الأليف على غير العادة ما يشربه من القهوة , فشرب التداعيات وانتظر لون الشمس الأشقر ليدفئه ). الحالة التي تنتاب باسم عبدو القاص تشبه تماماً الحالة التي تنتاب يوسف الخطيب أو اي شاعر يجيل الطرف في الفضاء ولتتراكم التداعيات ويتحول الكم إلى كيف وتولد القصيدة أو تولد القصة أو يولد الحجر و تفور الأفكار في مساحة خيال القاص .. إلى أن يقول : (أصيب أبو وهج بلوثة الحيرة .. كل يوم ينتفخ بطن زوجه .. أكثر فأكثر .. ويعلو , و يكبر ) ويتلاقى الأثنان الشاعر والقاص في انسياب النص بشكل منطقي أمام حالة التوازن الموضوعي الذي يضاف إلى ماهو مبتكر من مقومات إبداعية تجعلنا نرافق النصين قراءة وشجناً حتى يغلبنا الشوق لنعرف ماهي النتيجة التي ستكون في النهاية .. وليس بمقدورنا ابداً أبداً أن نتوقع النهاية لأن الأديب الموهوب يمكن أن تأتي المفاجأة عنده بأي و قت يشاء فيه نصه . يقول الشاعر يوسف الخطيب : بلى و أحب اثنتين .. و اعطيهما كلماتي .. و وحدك أنت مليحة كل النساء فضحت إلى الريح سفر عذابي .. و سيرة حبي و وحدي أجزف فيك المدى و أشق على شفرة السيف دربي ... إلى قوله : فيا عجباً... ما ستكتب عني رؤوس السيوف إذا كان من أحمر القلب حبر دواتي ؟ .. نوع من الحب الوطني الكبير الذي يحوله الشاعر إلى نص يرتكز على كثير من المعرفة الجوهرية في فهم الواقع الماضي والواقع الحاضر الذي جعل حبه أكثر بريقاً و عمقاً متطلباً حضوراً كاملاً لتاريخ صار قلقاً لا عواطف فيه أمام هذا الضياع .. مما جعل هؤلاء الشعراء والكتاب أمام مسؤولية تحفزنا على حفظ ما تبقى من الكرامة .. فكل هذه الأشياء استخدمها يوسف الخطيب ليعبر عن عشقه الأزلي .. كما اختصر باسم عبدو كل هذه الأشياء بحجر وهو يدرك تماماً أن هذه الحجر تصنع التاريخ المقدس , وتسدل الستارة على تاريخ لا يملك إلا التحريف والانحراف ... باسم عبدو يقول : (ازداد قلق الرجل و زاد تجهمه حينما أخبره الطبيب أن جسماً صلباً في رحم امرأتك يمكن أن يكون كتلة سرطانية قاتلة) .. إلى قوله : /(أنجبت المرأة طفلاً .. سمته حجراً !! ) ويقول : (انهمرت الحجارة على سفارات إسرائيل وأمريكا .. شبت الحرائق في السفن والبوارج). الفطنة الكبيرة والإحساس المتصاعد جعلانا نقف أمام مواهب عربية أصيلة تدرك الملابسات الخفية والقيم التي يعتز بها الإنسان العربي الذي كان أول من ابتكر الحضارة الإنسانية والعراقة التاريخية .. وفجأة جاء من يقايضه على الحرمان منها وفي الواقع أن الدافع عند يوسف الخطيب و باسم عبدو هو واحد .. هذا الأول بسبب الاستعمار والتهديد و التآمر جعل حب الشام و حب العرب مثلاً لحب الوطن العربي الذي اجتزأ الصهاينة قطعة حبيبة منه ... والثاني باسم عبدو .. استجمع كل تداعياته ليصنع حجارة مختلفة ستكون أكثر انتشاراً من السلاح النووي الذي يهدد أمن العالم بأكف الجبناء .. فالخطيب يختم بقوله : و لو كان أن علقوني على شفق الطور كيف ترى يشنقون دموع القوافي كيف ترى يشنقون دموع القوافي !! ويكبر هذا التحدي عند باسم عبدو ليقول : (تراكض الجنود يصوبون بنادقهم ورشاشاتهم إلى الحجر ,وأرادوا أن يمسكوه حياً ولكن زخات كثيفة من المطر الحجري كانت في انتظارهم !! ). قضية حب مطروحة في النصوص الإبداعية فأي كاتب عربي يتحمل المسؤولية المنهجية والتقنية والتاريخية والنفسية وصولاً إلى وطننا الغالي دون استعمار ودون تآمر وهذه دلالة النصوص.‏


Admin
Admin

المساهمات : 145
تاريخ التسجيل : 02/07/2008

http://alkhaled.yoo7.sy

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى