منتديات الخالد الثقافية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

واقـع الـدراما السـورية

اذهب الى الأسفل

واقـع الـدراما السـورية Empty واقـع الـدراما السـورية

مُساهمة  Admin الثلاثاء يوليو 08, 2008 4:18 pm

واقـع الـدراما السـورية
بقلم محمد خالد الخضر

إن الإنسان بما يملك من مقدرة عقلية و خيال مجنح ، يمكن أن يكون واقع حياته ، و إدراك الكاتب بإحساسه المزدوج و المكون من التفكير و التخيل المنفتح و المتحرر يمتلك المقدرة على الخلق في ابتعاد كلي أو عكس ذلك ، عما هو حوله ليستحضر الواقع الجميل الذي رسمه في خياله الممتد ، و لعل بعض النصوص تعزز فكرتها في نفس و ضمير المتلقي و تدخل إلى قلبه ما شاءت أن تدخل حاملةً في طياتها ما تذهب إليه في ذات المؤلف و المخرج ، و هناك نصوص لا يتعدى دورها و غايتها الكسب المادي و ظهور الاسم على شاشة التلفزة دون المقدرة على اتخاذ أي قرار يؤدي إلى فكرة تخـدم المصلحة الإجتماعية .. و هنا المصلحة الإجتماعية يجب أن تتجلى في انعكاس السلبيات الموجودة في تقاليد و عقليات المجتمعات و التي بدورها تعيد المجتمع إلى الوراء بـدلاً من أن تدفع به إلى التطور و إلى معرفة ذاته الإنسانية المكونة من القيمة السامية و العاليـة .
هذا ما ألفناه في مسلسل ( أسياد المال ) الـذي تشـعبت فـكـره و مواضيعه مستمّدة من التخلّف الإجتماعي و التخلف الديني أي فهم الدين بشكل خاطئ و التخلف الأخلاقي و الإنهيار الثقافي في حبكة درامية استطاع المخرج يوسف رزق و الكاتب هاني السعدي أن يخرجا تماماً من حومانة التاريخ التي كان قد تكرر تورط هاني السعدي فيها و قدمها سابقاً بما يسمى بـ ( الفانتازيا التاريخية ) و هي كلمة فرنسية تعني ( الإبداع التاريخي ) مثل ( الجوارح ـ الكواسر ـ البواسل ـ ... ) التي مؤداها تشـويق البسطاء و تضخيم ذاتهم عكس ما ذهب إليه هو و المخرج في ( أسياد المال ) الـذي يرينا واقـع التخلف العربي أمامنا بأسلوبٍ شائقٍ يجعلنا نـدرك كيـف تقـرع نواقيـس الخطر ، و أسـاوي بالقيمة الإجتماعية مسلسل ( الوزير و سعادة حرمه ) و مسلسل ( الأستاذ ) مما يدلنا على ارتفاع مستوى الخط البياني الدرامي الذي يعود الفضل فيه إلى ثقافة الكاتب و الفنان السوري و تميزه عن غيره في البلدان الأخرى .
و حضور الموهبة في مسلسل ( غزلان في غابة الذئاب ) جعل مقدرة الكاتب و المخرج على إظهار القيم الجمالية من خلال معايشة الحدث و نقله إلى عالم فني آخر ضمن حوار يرتكز جل ارتكازه على استطاعة الكاتب و قدرته في إيجاد حبكة بوسعها أن تجعل الرائي يترتب في تسلسل حلقات متلهفاً لمصير الغلط الفادح الذي يحلم كل فرد في المجتمع أن يعيش بعيداً عنه ..
و ظاهرة الإنتقاء ضمن المعايير القياسية التي جعلت المخرج يتمكن من ترتيب الشكل الإبداعي بما يتوافق مع الحالة الإحساسية للمثل ، و إسقاط الأدوار المترتبة على دواخل الممثلين ، حيث ظهرت على الوجوه إمكانات رائعة تجلّت في دور ( قصي خولي ) الذي تمكن ببراعة أدائه أن يقدم شخصية ابن المسؤول الفاسد و التي يدور المسلسل عليها و هي موجودة بكثرة في عالمنا العربي .. إلا أن الكاتب صمم أن يكون الخير مهزوماً في المسلسل بحالة من الإقناع تلقاها المتلقي بعين الرضا نظراً للبراعة الموجودة في عمل المؤلف و المخرج و أداء الممثلين و يغفر للمسلسل الخاتمة السلبية أنه كشف كثيراً من الممارسات الزائفة مثل : دور قارئة النجوم و الفلك و ضحيتها التي أخذت دورها ( عبير شمس الدين ) و تمثل كثيراً من النساء اللواتي يجلسن يومياً أمام شاشات التلفزة تاركات أعمالهن لإنتزاع كلمة تبـل الغليل حيال الزوج المنغمس في القهر و تحصيل ثمن لقمة العيش و المشكوك بأمره دائماً ـ إلا أن الزوج في المسلسل مختلف ، هو مـن دعائـم الفساد الذي تـرك زوجته تنشغل ليقوم بما هو راغب فيه و النتيجة سقطت المعايير و لـم نعـلم كيف سـنحل مشكلة ما هـو قائـم ؟!
لقد عاد سامر ( قصي خولي ) بأداء درامي فائق و دوره امتداد للبداية فهل ثمة نهاية نأمل بها .
بيد أن مسلسل باب الحارة ) حظه قليلٌ هذا العام .. لقد ظهرت بوادر الضعف من خلال الحبكة التي انهزمت أمام السرد العادي الذي اعتمد على إحضار عـادات و تقاليد من شأنها أن تذكر بالقيـم البائـدة في زمن الفضائيات ، و بعد هنيهات فاجئنا المؤلف بالتناقض الجارح عندما انهارت كـل التقاليد ـ المحبة و الألفة و الأخلاق عندما أقدم حكيم الحارة على طلاق زوجته التي كانت نموذجاً للمـرأة الرائعة إرضـاءً أو نزولاً منه أمام هيبة الزعيم صاحب الشخصية الإيجابية ، و بقاء المرأة الشريرة !
إلا أن بعـض المسلسلات بصفتها الأدبيـة اسـتطاعت أن تعـلن و بكـل جـرأة شرعيـة القيم المهيمنة في المجتمعات العربية متجـاوزة الحالة الكلاسـيكيّة المتبعة سـابقاً و التي أشـرت إليها في الكواسـر و البواسـل و .. و أمثالها في تقديـم النص الواعـي المفتقد أحياناً للحـذر في معالجة الإشكال الجـزائي أو التصدي للجريمة بمادة جزائية خالصة تشير إلى أن كاتب النص و المخرج قليلاً ما يكون لديه إطلاع على المادة القانونية في كثيرٍ من المسلسلات التي رأيناها على الشاشة الصغيرة ، فالنقيب لا يجوز أن يكون بعمر العميد و بينهما تراكم من السنوات و الرتب ، كما أنه لا يجوز للعقيد أن يكون رئيساً للمخفر الذي ملاكه مساعد أول ، و غالباً يضعف التفريق بين التوقيف الإحترازي أو المؤقت و التوقيف التحقيقي ، و يكثر الخلط بين استجواب النيابة و بين استجواب قاضي التحقيق و انعدام الربط بين قاضي التحقيق و الإحالة مع عدم معرفة و فهم دور الثاني الحاسم في القضية التحقيقية ، و إذا كانت قد تحلّت المسلسلات المعروضة بالجرأة و عرض المعيارية السائدة فإنها غيّرت الحالة التجديدية و البديلة و طرحت أشياء ترتبط بالموضة و كثيراً ما يأتي الإنسان النبيل بشعر مجدول أو طويل أو سكسوكة أو قليلاً من الشعر على شفته ، مما يؤدي إلى رسوخ بعض هذه الأشياء التي لا لزوم لها لتنعكس فريدة دون المحتوى و المضمون على السلوك المحصور بأبناء جيلٍ بات التلفزيون هو أداته التثقيفية الوحيدة ليعرض أحياناً بعض الشكليات المرفوضة مما ينفـّر من مصداقية العمل التلفزيوني .. فعانينا قليلاً من هذه الحالة ، لأن كل الذين يهتمون بأشكالهم و مظاهرهم الزائدة في مسلسلٍ أو سواه كانوا من ( العشيقة ) و لا يوجد لديهـم اهتمام سوى بهذا الأمـر .
في نهاية المطاف اسـتطاعت الدرامـا السـورية أن تخـرج من إطـار التقليد و الإبداع التاريخي المزوّر و تزييف صورة التاريخ و الواقع إلى ساحة المعركة بكل جدارة .
إنها حالة إيجابية . مجموعة من الكتاب و المخرجين و الممثلين يتصدون لفسادٍ ما ـ تعالوا معاً نبدأ بأنفسنا و ننطلق حتى تبقى المصداقية مصانة .. الطريق طويل إنه أمانة في أعناقنا نحن المبدعين .

Admin
Admin

المساهمات : 145
تاريخ التسجيل : 02/07/2008

http://alkhaled.yoo7.sy

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى